هاميلتون وفيراري- حلم الثامنة المنتظرة يبدأ من مارانيلو

اللحظات الحاسمة تلوح في الأفق، تفصلنا أيام معدودة عن انطلاق هدير المحركات وأصوات الإطارات الصارخة على حلبة ألبرت بارك يوم الأحد، حيث يشهد سباق جائزة أستراليا الكبرى بداية موسم جديد لبطولة العالم للفورمولا 1، والذي يتزامن مع مرور 75 عامًا على تأسيسها، وسط طموحات البريطاني لويس هاميلتون بتحقيق لقبه الثامن القياسي، ليُدوّن اسمه بأحرف من ذهب في سجلات البطولة. بإطلالة أنيقة، ارتدى "السير" بدلة سوداء أنيقة وقميصًا أبيضًا ناصعًا، مع ربطة عنق أنيقة ومعطف طويل يضفي عليه وقارًا، وقف بجانب سيارة أف 40 الكلاسيكية، وخلفه يظهر منزل إنتسو فيراري، المؤسس الأسطوري لفريق "الحصان الجامح"، في صورةٍ تجسد السرعة والفخامة. في يومه الأول داخل مارانيلو، المقر التاريخي للعلامة التجارية الإيطالية العريقة، ترك "الملك" لويس بصمته الاستثنائية مع فيراري، وذلك من خلال صورة أيقونية انتشرت كالنار في الهشيم على وسائل التواصل الاجتماعي في شهر يناير الماضي، معلنةً عن بداية حقبة جديدة. ويبدو أن هذا البطل المتوّج بسبعة ألقاب، والذي يقتسم الرقم القياسي مع الأسطورة الألمانية ميكايل شوماخر، قد استعاد شغفه وطاقته قبل أيام قليلة من انطلاق منافسات الموسم الجديد في أستراليا. وفي تصريح يعكس حماسته المتجددة، قال هاميلتون في شهر فبراير، خلال ظهوره الرسمي الأول مرتدياً اللون الأحمر الناري، وذلك خلال حفل بهيج أقيم في العاصمة البريطانية لندن احتفالاً بمرور 75 عامًا على تنظيم أول بطولة رسمية في عام 1950، وإطلاق الموسم الجديد: "أشعر بأنني مفعم بالحياة والطاقة، لأن كل شيء يبدو جديدًا ومثيرًا". وكان صاحب الرقم القياسي لعدد مرات الفوز في سباقات الفورمولا 1 "105 انتصارات" قد فاجأ الجميع في العام الماضي، بإعلانه الرحيل عن فريق "الأسهم الفضية" والانضمام إلى فريق فيراري في عام 2025، وذلك بعد فترة ذهبية استمرت 12 عامًا مع الفريق الألماني، شهدت تحقيقه ستة ألقاب عالمية من أصل سبعة، كان آخرها في عام 2020. ومنذ انضمامه إلى سكوديريا "الحصان الجامح"، الذي يمثل حلم الطفولة بالنسبة له، لم تفارق الابتسامة وجه السائق المخضرم البالغ من العمر 40 عامًا، وبدا وكأنه "سائق مبتدئ" يستعد لخوض خطواته الأولى في عالم الفئة الملكية. وخلال عودته من إيطاليا، التُقطت صور لهاميلتون وهو يحيي بحفاوة موظفي فيراري بابتسامة عريضة، معبرًا عن سعادته الغامرة بالانضمام إلى الفريق، قائلاً: "من السهل مشاهدة كل هذا من الخارج، ولكن عندما تعيشه من الداخل، فإن الشعور يكون قويًا للغاية"، وفقًا لما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية. لقد استقبل فريق فيراري على مر تاريخه العديد من الأبطال العالميين المميزين، مثل الفرنسي آلان بروست، والإسباني فرناندو ألونسو، والألماني ميكايل شوماخر، الذي تحول إلى أسطورة وأصبح يُعرف بـ "البارون الأحمر". إلا أن وصول هاميلتون، لم يسبق له مثيل في إثارة الحماس والشغف لدى عشاق السرعة، حيث تجمعت حشود غفيرة من المشجعين، يُقدر عددهم بالآلاف، في نهاية شهر يناير بالقرب من حلبة فيورانو القريبة من مقر الفريق، لمشاهدة اللفات الأولى لهاميلتون خلف مقود سيارة فيراري الحمراء. ولا شك أن "السير"، الذي وقّع عقدًا "لعدة أعوام" مع فيراري، يزرع الآمال والتطلعات أينما حل، فهو يتمتع بشعبية جارفة وقدرة فائقة على إلهام الجماهير. بالنسبة للعلامة التجارية الأكثر تتويجًا بالألقاب في بطولة الفورمولا 1 "16 لقبًا للصانعين و15 لقبًا للسائقين"، يبدو غياب الألقاب وكأنه لا نهاية له، حيث يعود آخر لقب عالمي إلى عام 2007 للسائقين "مع الفنلندي كيمي رايكونن" و2008 للصانعين. وتُعد العلاقة الوطيدة التي تربط هاميلتون بالفرنسي فريديريك فاسور، مدير الفريق، والتي تمتد على مدار 20 عامًا، هي المحفز الرئيسي وراء تشجيع وصول هاميلتون إلى فيراري، حيث انتقل فاسور بدوره إلى مارانيلو منذ فترة قصيرة، وتحديدًا منذ عام 2023. وكان الفرنسي فاسور قد أشرف على مسيرة السائق البريطاني الشاب خلال بداياته في السلسلة الأوروبية لسباقات فورمولا 3 في عام 2005، وسلسلة سباقات جي بي 2 عام 2006، حيث تمكن من الظفر باللقبين. وفي تصريح لوكالة فرانس برس في العام الماضي، أوضح فاسور قائلًا: "لقد شعرت أن هذا هو السائق الذي كنا نفتقده". وسوف يواجه هاميلتون منافسة شرسة داخل الفريق من زميله الجديد شارل لوكلير، القادم من موناكو، والذي يصغره بـ 12 عامًا، والذي لا يزال يسعى جاهدًا لتحقيق لقبه الأول في البطولة العالمية. هاميلتون لا يرغب في أن تتوقف القصة عند مجرد تحقيق حلم الطفولة، بل يطمح إلى تحقيق المزيد من الإنجازات والألقاب، فمن خلال بدء موسمه الـ 19 بسيارة فيراري، بعد انتقاله المثير للجدل من مرسيدس، والذي يُرجح أن يكسب بسببه 130 مليون دولار، يسعى "السير" إلى الانفراد بالرقم القياسي لعدد الألقاب، وتحقيق لقبه الثامن، في زمن تعج فيه الحلبة بالسائقين الشباب الطموحين.