ريكاردو دي بورجوس- الباسكي الذي هز الملاعب الإسبانية بقراراته الحاسمة.
المؤلف: الرياض - إبراهيم الأنصاري08.22.2025

في مدينة بلباو الإسبانية، حيث تمتزج عراقة الباسك بحب كرة القدم المتأصل، يسطع نجم الحكم القدير ريكاردو دي بورجوس بينجويتكسيا، الذي كُلّف بتحكيم مباراة نصف نهائي كأس السوبر السعودي بين فريقي القادسية والأهلي. لم يكتفِ ريكاردو بمواصلة المسيرة العائلية المرموقة في سلك التحكيم، بل خطا خطوات واسعة ليصنع لنفسه اسماً لامعاً بفضل قراراته الشجاعة والحاسمة في مختلف الملاعب الإسبانية والعالمية.
ولد ريكاردو في السادس عشر من مارس عام 1986، ونشأ في أسرة عريقة لها باع طويل في مجال التحكيم. فوالده، إرنستو دي بورجوس نونيز، كان حكماً متميزاً في دوري الدرجة الأولى الإسباني بين عامي 1976 و 1982، وقد ترك بصمة واضحة في عالم التحكيم قبل أن يعتزل بسبب بعض الخلافات مع رئيس لجنة الحكام آنذاك. يُذكر أن إرنستو قد أدار العديد من المباريات الهامة، أبرزها كلاسيكو شهير جمع بين فريقي برشلونة وريال مدريد عام 1977.
سار ريكاردو على خطى والده، وبدأ مسيرته التحكيمية في دوري الدرجة الثانية، حيث أدار ما يقارب 88 مباراة على مدار أربعة مواسم متتالية، قبل أن يحقق حلمه بالصعود إلى دوري الأضواء والشهرة في عام 2015. وسرعان ما أظهر ريكاردو جدارته في إدارة المباريات الكبيرة والهامة، فبعد مضي عامين فقط على صعوده، تم تكليفه بإدارة ديربي مدريد الناري بين فريقي ريال مدريد وأتلتيكو مدريد، بالإضافة إلى مباراة مصيرية بين فريقي ملقا وريال مدريد في ختام موسم 2016-2017. ولكن تبقى اللحظة الأكثر إثارة للجدل في مسيرته التحكيمية هي تلك التي شهدتها مباراة ذهاب كأس السوبر الإسباني بين فريقي برشلونة وريال مدريد على ملعب كامب نو في الثالث عشر من أغسطس عام 2017، حيث أثار قراره الجريء بطرد النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو عاصفة من الانتقادات والجدل، ممّا أدى إلى إيقاف اللاعب لمدة خمس مباريات بعد قيامه بدفع الحكم.
لم تقتصر مسؤوليات ريكاردو على إدارة المباريات المحلية فحسب، ففي الأول من يناير عام 2018، حصل على الشارة الدولية، ليواصل مسيرته في المحافل الأوروبية الكبرى بعد مشاركته الفعالة في برنامج UEFA CORE لتطوير الحكام الشباب.
وإلى جانب مهنته كحكم كرة قدم، يمارس ريكاردو مهنة أخرى بعيدة كل البعد عن ضغوط الملاعب، فهو طبيب أسنان ناجح. وعلى الرغم من أن عمله الأساسي يتمحور حول التحكيم، إلا أن حياته الشخصية ومهنته الأخرى تبرز جوانب مختلفة من شخصيته، بعيداً عن الصافرة والقرارات الحاسمة التي يتخذها في أرض الملعب.
وفي محطة بارزة أخرى في مسيرته المهنية، أدار ريكاردو نهائي كأس ملك إسبانيا عام 2025 بين الغريمين التقليديين برشلونة وريال مدريد. وقبل هذه المباراة الهامة، صرح ريكاردو بتصريحات كشف فيها عن تأثير تصرفات بعض المشجعين عليه شخصياً، الأمر الذي يوضح التحديات النفسية الكبيرة التي يواجهها الحكام في عملهم.
ويحمل تاريخ عائلة الحكم الباسكي أحداثاً هامة، فعمّه، فرانسيسكو دي بورجوس نونيز، وهو عريف سابق في الحرس المدني، ارتبط اسمه بمحاولة الانقلاب التي شهدتها إسبانيا عام 1981، واشتهر بلقب "رأس الأنوراك" بسبب معطفه العسكري المميز. وعلى الرغم من مشاركته في اقتحام مجلس النواب، إلا أنه لم يُدان قانونياً بتلك الأحداث. وعلى الرغم من هذه الأحداث التي طالت عائلته، واصل ريكاردو طريقه بثبات، مؤكداً أن مهنة التحكيم هي شغفه ومصدر سعادته الأول. وقد أدار أحدث مبارياته الكلاسيكية في موسم 2022-2023 بين فريقي برشلونة وريال مدريد في الجولة السادسة والعشرين من الدوري الإسباني، ليواصل كتابة فصل جديد من تاريخ التحكيم في إسبانيا، مستنداً إلى خبرة كبيرة وشجاعة في اتخاذ القرارات الصعبة.